حكاية العطور مع بارفيمار

9 يونيو 2023
بارفيمار
حكاية العطور مع بارفيمار

العطر هو التعويذة السحرية التي ابتكرها الإنسان لاصطياد الرائحة وحبسها في زٌجاجة ،وفي سبيل ذلك السائل السِحريّ وقوّة تأثيره العظيمة على المشاعر لازال العطارون حتى هذه اللحظة يعملون على تطوير إستخلاصة وفكّ رموز محتويات جديدة تٌحدث في امتزاجها دهشة لا تموت ،وخدراً لذيذاً لا يٌمل .


رحلة العِطر عبر التاريخ:


اختلفت الأقاويل عن بداية صنع سائل المشاعر هذا ومما لا شك فيه كان للشرق الأوسط شرف البداية في ابتكار العطر ومن أرض الرافدين تحديداً والتي تٌعد المكان الأول الذي اكتشفت به أقدم قارورة عطر وذلك عن طريق ألواح الكتابة المسمارية التي كان يكتب بها البابليون قبل 5000 سنة كُتب بها أنه كانت هناك امرأة في القصر الملكي كانت تقوم بتقطير الزهور مع الزيوت وتمزجها بالسُكريات لتصنع العطر.


لم يتمكن العثور على بقايا عطور تلك المرأة، ولكن الحظ حالف مكتشفي الآثار ليجدو أقدم قارورة عطر في التاريخ في جزيرة قبرص ويقُدّر بأن عمر القارورة يتجاوز4000 سنة .


و في العصور للقديمة اقتصر استخدام العطور على عليّة القوم كالملوك والفراعنة ،ولم يقتصر على استخدامها للزينة والتطيّب فقط، بل أن هناك طقوساً دينية تعتمد عليه في إعجاب الآلهة وطرد الأرواح الشريرة من المعابد، ولقد صنع المصريون القدماء عطورهم من "زيت الزيتون واللوز والورود واستخلصوها بوضعها مع قليل من الماء في قطعة من الكتان ليتم بعد ذلك عصرها لاستخلاص الزيوت الناتجة منها" وقد أتاحوا بعد مدّة من الزمن فرصة التطيّب لباقي الشعب أيضاً ولكن بموادهم الخاصة في الاستخلاص كزيت الخروع نظراً لثمنه الزهيد .


منذ العهد الأول لصناعة العطور كان استخلاصها يتم بشكل بدائي يفقد فيها العطر خواص الثبات والتركيز إلى أن جاء الهندوس وصنعوا جهاز " التقطير" والذي يتكوّن من عدّة أوعية زجاجية يصب فيها الماء المغلي على الزهور والنباتات العطرية الى أن تتكون الزيوت ويتم فصلها ووضعها بزجاجات مختلفة الحجم والشكل .


وقد اهتم المسلمون بالعطور والطيب فوضعوا القواعد الثابتة لصناعتها وابتكر " ابن سينا" الطريقة المتبعة حالياً في إنتاج بعض مستخلصات العطور أما ابن الكندي فقد ألف كتاب يحتوي على 107 طريقة لصنعها.


أما المحطة الأخيرة فكانت من نصيب الأوربيين الذين قفزوا بصناعة العطور ومزجوها مكونات جديدة فقد مزجه الهنغاريين مع الكحول ولازال صانعي العطور يعتمدون على هذه الطريقة حتى هذه اللحظة.


وحين وصلت صناعة العطور لفرنسا فقد أصاب الهوس بها الملوك والأمراء وباتو يصنعون العطور في معامل خاصّة بأجنحتهم الملكية ونظراً لاهتمامهم الشديد بها والإفراط في استخدامها فقد تطورت صناعة العطور تطوراً سريعاً حتى ارتبط اسم فرنسا بالعطور وأصبحت باريس مدينة العشاق ومنبع الروائح الجميلة .


العطر وفلسفتهُ الخاصّة :


لطالما كان العطر هو أحد طرق تعبير الإنسان عن نفسه، ورائحته هي إحدى سِمات شخصيته، ومعرفة نوتة العطر تٌساعدك في اقتناء عطرُ يٌشبهك وإذا كنت تفكر في إهداء شخص عزيز عليك فمعرفتك بالمكونات الأساسية التي يفضلها الشخص في العطور ستسهل عليك مهمة الإختيار !


للعطر 3نوتات مركبّة بشكل هرمي وبامتزاج هذه النوتات الثلاث تظهر رائحة العطر وبإختلاف التركيبة وتعقيدها تكمن ميزة كل عطر عن الآخر.


قاعدة العِطر : وهي النوتة الأخيرة وهي ما تتكون من الزيوت الثقيلة و الأكبر وزناً بين مكونات العطور الأخرى والتي تبقى رائحتها لما يُقارب ال 6 ساعات بعد نثر العِطر ..


ومن أبرز مكوناتها" مستخلصات البخور والعود، مثل خشب الصندل، خشب الأرز، العنبر، المسك الأبيض، بالإضافة إلى الفانيلا و البتشولي ومن هذه القاعدة الأساسية يمكن معرفة رائحة عطركِ المفضّل وفقاً لمكوّنات النوتة السفلى، لأن أريجها هو الذي سيدوم لوقت أطول.



قلب العِطر: وهو النوتة الوسطى ولأن أغلب مكوناتها تحتوي على "الزهور، مثل الياسمين، الورد، زهرة البرتقال، النيرولي والتوابل" فرائحتها تدوم لوقت أقل من مكونات الرائحة الأساسية إذ تدوم لمدّة 60 دقيقة بعد نثر العطر.


قمّة العطر: وهي النوتة العليا والأخف وزناً بعد المكونات وأسرعها تبخراً إذ تدوم رائحتها الى 15 دقيقة بعد نثر العطر ومن أبرز مكوناتها "الحمضيات، مثل الفاكهة أي الليمون، البرتقال، التوت والعنب. كذلك، تعتبر الأعشاب من المكوّنات الأخف وزناً، مثل اللافندر و المريمية"


في مجتمعنا الخليجي خاصّة يفضل غالبية الأشخاص أن تكون قاعدة عطرهم الأساسية الزيوت المستخلصة من العود والبخور وخشب الصندل والعنبر فهي إحدى أشكال انعكاس الثقافة على الأشخاص وإحدى طرق التعبير عن الفخامة والأناقة وكلما امتازت مكونات العطر بالجودة العالية والنُدرة كلما ارتفع سعره وازداد تميّزاً وتفرّداً عن باقي العطور.


عطور" النيش" ولم هي الأغلى ثمناً؟


إذا كنت تسعى للعثور على خطّك الخاص في العطور وتمتلك ذوقاً مٌتفرداً في اختيار عطرك، فقد لا تجد ضالتك في ماركات العٌطور المنتشرة ، أنت حتماً تستحق بأن تكون لك بصمتك الأكثر تميّزاً في الرائحة لذلك وجدت " عطور النيش" التي صنعت خصيصاً لك.


يكون سعرها عادة أعلى من المعتاد حيث أن إنتاجها يكون علي نطاق ضيق جدا وتحتاج إلي العديد من المكونات الطبيعية المميزة وتستهلك وقتا أكبر لإنتاجها


إضافة أنها تحتاجٌ لآليات خاصّة ومواد معينة لتصنيعها لذلك لن تجدها في أي متجر عطور عام فلها أماكنها المخصصة التي تباع فيها ولا يمكنك العثور عليها ببساطة كما الوضع مع باقي العطور.



من يبحث بشكل خاص عن عطرة الأثير يعرف أن مكانة العطر لم تتراجع يوماً ما منذ أن أكتشف ولازال وسيبقى مكوناً عميقاً وركيزة أساسية لأكثر اللحظات شاعريّة.


فالعِطر هو رائحة اللحظات، رائحة الذكريات، التي كانت دائماً الأقرب والأحب والأكثر استحواذاً على المخيلة، تلك الرائحة التي تفنن الشعراء في اختيار أزهارها، ووصف بقاياه على كفوف العاشقين.


عندما ينتشر رذاذ العطر تغلق عينيك بعمق، تتشبع به حواسك تختزنه ذاكرتك. وإن كان المُصنعين استطاعوا بأن يصطادوا الرائحة ويحبسوها في زجاجة ،فإن ذاكرتك العطرية قادرة على إدهاشك أكثر، فرائحة العطر تعيد لك أزماناً ومواقفاً وأشخاصاً من رماد الذكريات .


وراء كل زجاجة عطر قصة تستحق أن تروى، ولطالما كان للعطر الظهور الطاغي في الأدب فكم شاعراً تغنى بعطر محبوته وكم كاتباً وصف تأثير العطر الذي لا يستهان به .


فوصفته غادة السمان وقالت: "العطر كالموسيقى ينقلنا إلى أزمنة أخرى العطر بطاقة سفر إلى الذكرى أو رحيل القلب إلى الحلم للعطر صوت يهمس اذكريني."


ووصف عبد الرحمن ثامر ارتباطه بالمشاعر قائلاً : مشكلة العطر أنه يتحول إلى وجوه ,أماكن ,ألوان, مشاعر, ابتسامات وهلم عطرًا.


أما أحلام مستغنامي فوصفته بأكثر الأشياء انتماء للمرء وقالت : لم أكن أعرف أن للذاكرة عطراً أيضاً هو عطر الوطن.


ومن يستطيع أن يمرّ من أشعار قباني بدون أن تعلق بثيابه فلسفتهُ الخاصّة بالعطر فقال فيه :


"العطر لغة لها مفرداتها وحروفها وابجديتها ككل اللغات والعطور أصناف وامزجة، منها ما هو تمتمة، منها ما هو صلاة، منها ما هو غزوة بربرية، وللعطر المتحضر روعته، كما للعطر المتوحش روعته أيضًا، وهذا بالطبع يتوقف على الحالة النفسية التي نكون فيها، عندما نستقبل العطر وعلى نوع المرأة التي تستعمل العطر، والرجل أيضًا يلعب لعبته في تقييم العطر، بمعنى أن أنف الرجل مرتبط بثقافته وتجربته ومستواه الحضاري، هناك رجال يفضلون العطور التي تهمس، ومنهم من يفضلون العطور التي تصرخ"